Admin Admin
عدد الرسائل : 303 تاريخ التسجيل : 28/05/2007
| موضوع: الشيخ ابي راس الناصري 11/4/2010, 19:41 | |
| ا لتاريخ هو سلوك الأفراد و الجماعات عبر الزمن، ففعالية الفرد ونشاطه داخل مجتمعه تعطي للزمن معنى، فيتحول من كونه حركة فلكية ميكانيكية، إلى فعل إنساني متميز نطلق عليه اسم التاريخ.
إن الفرد هو العنصر الأساسي في أحداث التاريخ، لكن السؤال الذي لابد منه، هل كل فرد في المجتمع إنسان فعال داخل التاريخ ؟ .
بكل بساطة الجواب سيكون بلا ، لهذا عندما نتحدث عن الفرد لا نقصد به كل إنسان موجود داخل المجتمع ، بل المقصود، هو ذلك الشخص الذي إصتبغت حياته بجملة من الأعمال و الأنشطة، جعلت منه إنسانا متميزا عن باقي أفراد المجتمع ، بل قد يكون وجود المجتمع نفسه مرهون بوجود هذا الفرد. فنشوء المجتمع الاسلامي مثلا ، كان نتيجة لوجود الرسالة المحمدية ، و لم يمكن ممكنا أن تنجح هذه الرسالة إلا بجود شخصية كشخصية النبي عليه الصلاة و السلام ،و من يقراء السيرة المحمدية قراءة جيدة يتضح له جليا أن شخصية النبي صلى الله عليه وسلام ، كان لها دورا فاعلا في مسيرة الإسلام ، لهذا نجد الكثير من الآيات القرآنية تشير إلى هذا المعنى. و قد يحدث أن يكون مجتمعا ما، يعيش خارج التاريخ بعيدا عن صناعة الحضارة ، إلا أن و جود شخصيات فعالة تنتمي إليه ، تسمح له بالبقاء في ذاكرة الايام .
فشخصية مثل الامير عبدالقادر جعلت من الامة الجزائرية في فترة ما - رغم أنها كانت تعيش خارج التاريخ - تبقى مذكورة ، بما إحتوته هذه الشخصية من فعل تاريخي متميز.
وعليه ، نستطيع القول أن الانسان الفعال هو الذي يعطي للمجتمع قيمة تاريخية معينة ، حيث يصبغه بأفكاره و يوجهه نحو هدف أسمى يصبح فيه هذا المجتمع كائن فعال في مسرح التاريخ.
و الشخصية التي سوف نتعرف عليها ، لا تخرج عن هذا النطاق،فهي شخصية دينية علمية – حسب المدلول التاريخي لكلمة علمية - إهتمت بالتصوف و الفقه و التاريخ ، حتى أنه يعتبر – حسب بعض المؤرخيين – ثاني مؤرخ بعد بن خلدون بما كتبه من كتب تاريخية و فقهية تتجاوز المائة كتاب .كما انه لم يقتصر عمله في المجال العلمي فقط ، ولكن تعداه إلى العمل الجهادي حيث شارك في تحرير وهران من الإسبان سنة 1206 هـ /1795 م إلى جانب الباي محمد بن عثمان ، فامتزجت بذلك الروح العلمية بالعمل الجهادي فحقق بهما الغايتان.
فياترى من هو أبي رأس الناصري ؟
يقول عنه الدكتور عبدالحق زريوخ " هو أبو راس احمد بن ناصر الراشدي العلامة المحقق و البحر الجامع المتدفق اللافظ بل هو ليث الدين أوثق اساس و أضوأ نبراس الامام القدوة المتفنن " ولد بنواحي معسكر في يوم 8 صفر 1165 هـ الموافق 27 ديسمبر 1751 م و توفى رحمة الله عليه في يوم 15 شعبان 1238 هـ الموافق 27 أفريل 1823 م و دفن بمعسكر .
أما الاستاذة سميرة أنساعد فتقول عن مولده "إذ كان مولده سنة 1150 هـ /1757م قرب جبل كرسوط بالغرب الجزائري ثم نشأ و عاش فقيرا ، توفيت أمه ثم أبوه فكفله بعدهما اخوه الاكبر الذي سافر إلى معسكر و هناك حفظ أبي راس الناصري القرأن الكريم و تعلم الاحكام ثم الفقه . فكان له أن درس منذ صغره في مازونة كتاب مختصر خليل المغربي و أشتهر بذلك ثم تولى القضاء في قرية غريس قرب معسكر ، ثم رجع إليها – أي معسكر - ليزاول التعليم مدة ست و ثلاثين سنة متتالية ". لم تكن حياته تخلو من المغامرة و الدسائس ، حيث رمي من قبل خصومه الحاسدين بالمشاركة في ثورة درقاوة ضد الاتراك 1217 هـ/1802 م. خاصة وأنه كان مقرب من الحاكم التركي حينها ، مما جعله يهرب إلى الجبال ، حتى أنطفئت نار الغضب ، فعاد إلى معسكر و ألف كتاب بعنوان " درء الشقاوة في حرب درقاوة ". عرف أبي راس الناصري بكثرة رحلاته إلى الامصار مقلدا بذلك السابقين من العلماء ، حيث تقول الاستاذة سميرة أنساعد "لم يكتفي أبو رأس الناصري بالتنقل بين مدن الغرب الجزائري فحسب بل تنقل إلى مدينة الجزائر فقسنطينة ، ثم تونس و مصر و الحجاز ثم الشام و فلسطين و كان بدء سفره إلى المشرق سنة 1204هـ و عرف أبورأس الناصري في هذه البلدان بعلمه الواسع و كثرة حفظه، حتى لقب في مصر بشيخ الاسلام و صار عند المصريين شهيرا بعد إمتحانهم له ". و في نفس المنوال يقول عنه الدكتور عبدالحق زريوخ "...ثمّ ركب البحر إلى مصر، ولقي بها أهل العلم والأدب، منهم الشّيخ مرتضى الذي روى عنه أوائل "الصّحيحين"، و"رسالة القشيري" في التصوّف، و"مختصر العين"، و"مختصر الكنز الراقي". كما لقي الشيخ عصمان الحنبلي الذي قرأ عليه المذهب الحنبلي..
ثمّ رحل إلى مكّة، واجتمع بعلمائها وفقهائها، كالعلامة عبد الملك الحنفي المفتي الشّامي القلعي (ت 1229هـ) الذي أخذ عنه بعضاً من الحديث، ونبذة من "الكنز"، وشيئاً من التفسير. و مثل مفتي الشّافعية عبد الغني، ومفتي المالكية الحسين المغربي الذي جالسه طويلاً، كما اجتمع، بمكّة، بالشّيخ العارف المشارك عبد الرّحمن التّادلي المغربي، وقرأ عليه شرح العارف بالله ابن عبّاد على "الحكم". ثمّ طوّف بالمدينة المشرّفة، وكان له بها مناظرات وأبحاث مع علمائها. ويبدو أنّ هذه الرِّحلة كانت رحلة روحية، لأنّ أبا راس وجد الفرصة في زيارة ضريح المصطفى (ص)، وضريحي صاحبيه أبي بكر وعمر (ض)، وقبور الصّحابة بالبقيع.
ثمّ رحل إلى الشّام، وتحدّث إلى علمائها في مسألة من "الحبس" نصّ عليها الشّيخ أبو زكريا ابن الحطّاب (ت 995هـ). ونهاية، رجعوا إلى رأيه ووافقوه بعد الدّليل القاطع، بل جمعوا له مالاً كثيراً عندما أراد السّفر تكريماً له وتعظيماً.
وبعد ذلك، دخل "الرّملة" إحدى مدن فلسطين، ولقي مفتِيها وعلماءَها، وكان بينهم مفاوضات حول "الدّخان" و"القهوة"، فأجابهم بما ذكره نصّ أبي السّعود (ت 951هـ)، فأكرموا وِفادته.
وبعدها، رحل إلى غزّة فزار قبر هاشم ثالث آباء النبي (ص)، ولقي علماءها وأعيانها، فأكرموا ضيافته. وكان بينه، كعادته، وبينهم مناظرات في مسائل مختلفة، اعترفوا له بها بالفضل وسعة العلم. إلاّ أنّه لم يجد عالماً واحداً يعوِّل عليه، كما يذكر، عندما غادر إلى العريش. "
كما تتلمذ على كثير من العلماء و الفقهاء في عصره ، فنهل من علمهم و إرتوى من مشربهم حيث يقول عن نفسه ، أن اول من تتلمذ على يده والده الشيخ احمد الذي قرأ عليه شيئا من سورة البقرة ، ثم الشيخ علي التلاوي و الشيخ منصور الضراري والشيخ علي بن شنين و كثيرا من العلماء و المشايخ - كما تذكر كتب التاريخ التي تروي حياته- مما قوى علمه و أنمى معارفه فكان بذلك من كبار علماء معسكر ، كما تذكر هذه الكتب أيضا أنه تتلمذ على يده الكثير من فقهاء معسكر في المدرسة التي كانت تسمى المدرسة المحمدية ، التي كان بها أكثر من سبعة مائة طالب في زمن كانت معسكر تسمى فيه مصر الصغرى – على عكس ما توصف به معسكر اليوم من قبل أناس لا يعرفون عنها إلا الاسم فقط - .
ترك أبي راس الناصري مؤلفات و كتب كثيرة تتجاوز أو تفوق المائة كتاب في الفقه و التاريخ ، سنذكر من أشهرها حسب تصنيف الدكتور عبد الحق زريوخ وفق المواضيع المدروسة :
أولاً ـ القرآن:
1."مجمع البحرين، ومطلع البدرين، بفتح الجليل، للعبد الذّليل، في التّيسير إلى علم التّفسير"، في ثلاثة أسفار. 2."تقييد على الخرّاز و"الدّرر اللّوامع" و"الطِّراز".
ثانياً ـ الحديث:
1. "الآيات البيِّنات، في شرح دلائل الخيرات" 2. "مفاتيح الجنّة وأسناها، في الأحاديث التي اختلف العلماء في معناها". 3. "السّيف المنتضى، فيما رويت بأسانيد الشّيخ مرتضى".
ثالثاً ـ الفقه:
1."درّة عقد الحواشي، على جيد شرحي الزّرقاني والخراشي" في ستّة أسفار. 2."الأحكام الجوازل، في نُبذ من النّوازل". 3."نظم عجيب في فروع، قليل نصّها مع كثرة الوقوع". 4."الكوكب الدّرّي، في الرّدّ بالجدري". 5."النّبذة المنيفة، في ترتيب فقه أبي حنيفة". 6."المدارك في ترتيب فقه الإمام مالك".
رابعاًـ النّحو:
1."الدرّة اليتيمة التي لا يبلغ لها قيمة". 2."النكت الوفية، بشرح المكودي على الألفية". 3."عماد الزّهّاد، في إعراب: كلا شيء وجئت بلا زاد". 4."نفي الخصاصة في إحصاء تراجم الخلاصة".
خامساًـ المذاهب:
1."رحمة الأمّة في اختلاف الأئمّة". 2."تشنيف الأسماع، في مسائل الإجماع". 3."جزيل المواهب، في اختلاف الأربعة المذاهب". 4."قاصي الوهاد، في مقدِّمة الاجتهاد".
سادساً ـ التّوحيد والتّصوّف:
1."الزّهر الأكم، في شرح الحكم"(27). 2."الحاوي لنبذ من التّوحيد والتصوف والأولياء والفتاوى". 3."كفاية المعتقد، ونكاية المنتقد" على شرح الكبرى للشّيخ السّنوسي. 4."شرح العقد النّفيس، في ذكر الأعيان من أولياء غريس". 5."التّشوّف إلى مذهب التّصوّف".
سابعاًـ التاريخ:
1."زهرة الشّماريخ في علم التاريخ 2."المنى والسّول، من أوّل الخليقة إلى بعثة الرّسول". 3."درّ السّحابة، فيمن دخل المغرب من الصّحابة 4."درّ الشّقاوة في حروب درقاوة". 5."المعالم الدّالّة على الفرق الضّالّة". 6."الوسائل إلى معرفة القبائل". 7."الحلل السّندسية فيما جرى بالعدوة الأندلسية". 8."روضة السّلوان المؤلّفة بمرسى تيطوان. 9. "ذيل القرطاس في ملوك بني وطّاس". 10. "مروج الذّهب في نبذة من النّسب، ومن انتمى إلى الشّرف وذهب". 11. "الخبر المعلوم في كلّ من اخترع نوعاً من أنواع العلوم". 12. "تاريخ جربة". 13."عجائب الأسفار، ولطائف الأخبار"، والمسمّى أيضاً "غريب الأخبار عمّا كان في وهران والأندلس مع الكفار
ثامناًـ اللّغة:
1."ضياء القابوس على كتاب القاموس". 2."رفيع الأثمان في لغة الولائم الثِّمان".
تاسعاًـ البيان:
"نيل الأماني على مختصر سعد الدين التّفتازاني".
عاشراًـ المنطق:
"القول المسلّم في شرح السّلم"، وهو شرح على سلم الأخضري.
حادي عشرـ الأصول:
"شرح المحلَّى".
ثاني عشرـ العروض:
"شرح مشكاة الأنوار، التي يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسَسْه نار".
ثالث عشرـ الشّروح الأدبية:
1.شرح المقامات:
1."النّزهة الأميرية في شرح المقامات الحريرية". 2."الحلل الحريرية في شرح المقامات الحريرية".
2.شرح القصائد:
1. "البشائر والإسعاد، في رح بانت سعاد". 2. "نيل الأرب في شرح لامية العرب". 3. "كل الصّيد في جوف الفرا". 4. "إزالة الوجم عن قصيدة لامية العجم". 5. "الوصيد في شرح سلوانية الصّيد". 6. "الدّرّة الأنيقة في شرح العقيقة. 7. "طراز شرح المرداسي لقصيدة المنداسي". 8. "الحلّة السّعدية في شرح القصيدة السّعيدية". 9. "الجُمان في شرح قصيدة أبي عثمان". 10. "نظم الأديب الحسيب، الجامع بين المدح والنّسيب والتّشبيب 11. "الرِّياض المرضية في شرح الغوثية". 12. "لبّ أفياخي في عدّة أشياخي". 13. "حلّتي ونحلتي في تعدّد رحلتي". 14. "الفوائد المخبتة في الأجوبة المُسكتة".
المصادر : أبو راس الناصري الجزائر و مؤلفاته لدكتور عبدالحق زريوخ صورة المشرق العربي من خلال رحلات الجزائريين في العهد العثماني للاستاذة سميرة أنساعد من مواضيع أبو ايمان[/size] | |
|