أصبحت مقاهي الإنترنت أو كما يسميها البعض "السايبر نت" cyber net أحد
المشروعات التي يزداد إقبال الشباب العربي عليها لكسب عيشهم، لا سيما مع تطور مجتمع المعلومات في عدد كبير من الدول العربية، ولا يقتصر هذا المشروع على مجرد تقديم خدمة الإنترنت للجمهور، فهناك نشاطات أخرى يمكن للمقهى أن يقدمها، مثل بيع بعض أنواع قطع غيار الحاسب الآلي، وتصوير المستندات، وتخصيص جهاز لكتابة الرسائل العلمية وطباعتها،
وصيانة الأجهزة.
ومثله مثل أي مشروع تجاري فإن نجاحه يعتمد على عنصرين أساسيين، وهما: التخطيط الجيد، والإدارة المتمكنة، وهو الأمر الذي يتطلب دراسة السوق، ومدى فعالية وجود السايبر في المكان الذي يقام فيه، وذلك من خلال معدل إقبال الجمهور على التعامل معه.
احتياجات المشروع
أول خطوة لإنشاء مشروع السايبر أو مقهى الإنترنت هي أن تحدد احتياجاته من البنية الأساسية الفنية والإدارية للمشروع، وتتضمن: (المكان- أجهزة الكمبيوتر وملحقاتها- خط الربط، الأجهزة اللازمة لإعداد الشبكة الداخلية التي تربط بين الأجهزة- المتخصص الذي سيقوم بضبط الشبكة - تجهيز المكان وإعداده ليلائم نشاط المشروع - استخراج الأوراق القانونية اللازمة لإدارة النشاط - الدعاية والإعلان).
وينصح الخبير التقني رامي عبد العزيز في كتابه "كيف تنشأ سايبر نت؟" الذي صدر في عام 2005 عن دار البراء، بعدة أمور بالنسبة لهذه المرحلة:
- ضرورة استخدام أجهزة جديدة، والابتعاد عن المستعملة لكثرة مشكلاتها، مثل استخدام نظام تشغيل مستقل لكل جهاز، ولاختلاف مكونات هذه الأجهزة مما يتحتم معه توفير فني صيانة بشكل مستمر. وكنوع من التحايل على التكلفة العالية لأثمان الأجهزة الجديدة، فقد اقترح الخبير التقني تقليل عددها أو تقسيط الدفع من خلال العائد.
- إن المكونات الأساسية لنوع الجهاز الذي يجب استخدامه في السايبر كالآتي:
(Processor 1.8/128 MHZ / Mother Board Asus Via or Sis built in V+S+L /Hard Disc 40 or 80 GB / Ram 128 or 256 MG / Monitor 15 - Case PIV / Keyboard / Mouse+Pad/ Headset)
ولكن أين بقية مكونات الحاسب مثل: C.Drom / Floppy / Speakers / Drive؟
هنا يقول الخبير التقني: إن هذه القطع يتم تركيبها داخل جهاز واحد فقط لا كل الأجهزة؛ وذلك لعدة أسباب، منها : وجود شبكة تصل الأجهزة تمكن من استخدام أي من الوحدات المذكورة على أي جهاز متصل، وكذلك إحكام الرقابة على البيانات التي يتعامل معها رواد المكان، فضلا عن سرعة الكشف عن احتمال وجود فيروس على أي منها؛ مما يقلل مصاريف الصيانة. كما أن تعارض أذواق الرواد يجعلك لا تستطيع استخدام Speakers، لكل جهاز، إنما سماعة أذن فقط Headset.
- إن برامج الأجهزة التي في السايبر يجب أن تكون أصلية مثل Windows / Office، وهناك بعض البرامج الأخرى التي تكون مجانية ولا يتم التأكيد على وجوب وجود نسخها الأصلية. (إذا أردت استشارات حول الكمبيوتر وصيانته فانظر: استشارات تقنية).
الربط.. قلب السايبر
ومن أدوات البنية الأساسية داخل السايبر خط الربط الذي يصل بين الشركة المزودة للخدمة والشبكة الداخلية للسايبر، ويطلق عليها ISP اختصارا لـInternet Service Provider.
أما أنواع خطوط الربط فقد رصدها الخبير رامي عبد العزيز في كتابه كالتالي:
– نظام ISDN، وهو الذي يعتمد على خط التليفون، الأمر المشابه لاستخدام Fax Modem الخاص بالحاسب الشخصي، مع فارق السرعة والتكلفة. ويتم توصيل ISDN Modem بخط التليفون وبجهاز Gateway الذي يتم من خلاله إنشاء Dialup Networking، وبمجرد اتصال Gateway بالإنترنت فإن الأجهزة تصبح جميعها متصلة.
ويحتاج هذا النظام إلى وجود أحد برنامجين لتنظيم مرور البيانات بين الأجهزة عبر Gateway، الأول WinPrixy، وهو يصلح لثلاثة أجهزة فقط، والثاني هو WinRoute، ويصلح لأكثر من ثلاثة أجهزة، والبرنامجان مجانيان.
– نظام Virtual ADSL، وهو نظام أحدث وأقل تكلفة وأسرع من سابقه، وعلى الرغم من اعتماده على خط التليفون، فإن هذا الخط يستخدم في توصيل الخدمة فقط، وليس له علاقة بالاتصال بالشبكة، ويتم إدخال خط الربط على وحدة صغيرة تسمى Splitter، يخرج منها خطان أحدهما للتليفون والآخر لـ Router الذي يخرج منه بدوره خط يمتد إلى Switch أو Hub تخرج منه الأطراف التي تصل إلى الأجهزة.
أما عن أهم مميزات هذا النظام، فهي السرعة العالية (من 128 k إلى 1024 k ) ويشغّل عددا يصل إلى 50 جهازا وهو متصل دائما بالإنترنت دون انقطاع، أما أهم عيوبه فهو أنه عند حدوث خلل ما داخل الحاسب الخادم الموجود في شركة الـISP فإن ذلك يعني توقف جميع الأجهزة.
كابلات ومنع إباحية
ووفقا للكتاب المشار إليه سلفا، فيلزم لإعداد الشبكة الداخلية للسايبر، عدة أدوات، وهي:
- كابلات الشبكة: وتستخدم لربط الأجهزة ببعضها وهي تتكون من 8 أطراف.
- الكلابة: ولها استخدامان أولهما: تقشير أطراف الأسلاك مما يساعد على سهولة تركيبها، أما الثاني فهو: كبس الأطراف في الـ R J أي الـ Registerd Jack، وهو الجزء البلاستيكي الذي يشبه الجزء المتصل بالتليفون العادي، إلا أنه يحتوي على 8 أطراف لا اثنين.
- السويتش: فهو مشترك يتم بداخله توصيل خط الربط، ثم تخرج منه عدة أطراف إلى كل جهاز، وهناك أنواع عديدة، منها ما يحتوي على 16 منفذا وقد تصل إلى 48.
- كارت الشبكة: ويطلق عليه أحيانا اسم LAN اختصارا لـ Local Area Network فيجب توافر واحد منه في كل جهاز.
أيضا من أهم الأمور التي يجب أن تمتلكها في السايبر برامج الرقابة على الشبكة؛ لأن هناك من يعتقد أن الإنترنت وسيلة لاستعراض ما هو إباحي، أو لمهاجمة أجهزة أخرى، وينصح الخبير التقني في كتابه باستخدام برنامج Remote Administrator من موقع
www.download.com، حيث يتيح عدة اختيارات، منها: التحكم الكامل - الرقابة فقط - التحكم بنقل الملفات- التحكم في إغلاق الجهاز.
دراسة الجدوى الاقتصادية
دراسة الجدوى الاقتصادية للسايبر نت، يمكن أن نفهمها من خلال مثال للأسعار الجارية في السوق المصرية خلال عام 2004، غير أن هذه الأسعار تختلف باختلاف الدولة في المنطقة العربية، كما أن العائد يرتبط أيضا بمدى نمو مجتمع تكنولوجيا المعلومات في دخل الدولة،
ولنقرأ التكلفة والعائد في المثال المصري:
بافتراض أن السايبر سيبدأ بعدد 9 أجهزة كمبيوتر بمواصفات متطابقة، مستخدما نظام Virtual ADSL بسرعة 512 k، وأن المشروع سيقدم خدمات الإنترنت فقط، وإيجار المكان ألف جنيه شهريا ( الدولار = 5.80 جنيهات)، مع وجود تليفون عادي.
إذن:
إجمالي تكاليف الأجهزة= 1900 ج × 9 = 17100 ج
إجمالي تكلفة 9 نسخ أصلية من الويندوز = 350 ج × 9 = 3150 ج
تكلفة رواتر(Router)م= 500 ج
تكلفة سويتش (port, switch16)و= 250ج
تكلفة كابلات 100 متر (Network Cables)و= 175ج
تكلفة الكلابة (RJ)و= 125 ج
تكلفة الاشتراك الشهري لخط الربط = 350 ج
تجهيزات الأثاث بالمكان = 3300 ج، وتشمل 12 كرسيا + منضدتان تصلحان لحمل 4 أجهزة + منضدة كمبيوتر أو مكتب)
التأمين المقدم من الإيجار (شهران فقط) + إيجار الشهر الأول = 3000 ج
تكلفة استخراج الأوراق الرسمية = 500 ج
تكلفة لوحة إعلانية كبيرة = 1000 ج
مصروفات نثرية = 3000 ج
إذن إجمالي التكلفة المتوقعة = 32350 ج
أما العائد الشهري المتوقع، فهو يعتمد على عدة عناصر، منها :
- مكان النشاط
- مستوى الخدمة والدعم الفني
- الصيانة الجيدة للأجهزة
- الخدمات الإضافية
ولكن الخبير التقني يقول في كتابه : على أية حال فإن صافي الربح المتوقع عن هذا النشاط لن يقل 3000 جنيه شهريا، مما يعني أنه يمكن استرداد قيمة التكلفة بعد عام تقريبا، ولكن يجب الأخذ في الاعتبار أننا لم نقم بحساب الاستهلاكات الخاصة بالأجهزة ومصاريف الصيانة الدورية وديكورات المكان... (لمزيد من التفاصيل حول كيفية دراسة جدوى اقتصادية لمشروع انظر: عناصر خطة العمل الجيدة)
يقترح رامي عبد العزيز عمل نشاطات أخرى داخل السايبر لتعظيم الدخل، مثل كتابة الرسائل العلمية، حيث لا يتوفر للجميع إمكانية وجود طابعة، أو قدرة عالية على الكتابة على برامج مثل Microsoft Word، أو حتى لعدم وجود وقت كاف لإنجاز الأعمال الكتابية.
كما يقترح أيضا توزيع وصلات الإنترنت على المنازل، وإن كان هذا النشاط غير منتشر الآن إلا أنه أحد أهم النشاطات التي يمكن أن يقدمها السايبر، والتي يتوقع انتشارها بشدة؛ لأن تكلفة استخدامها في المنازل تعد أقل تكلفة من استخدام الـ Dialup، وهي أيضا إحدى أهم وسائل الدعاية لنشاطات السايبر.
تجارب.. ونصائح
وقد بدأ العديد من الشباب في الاتجاه إلى هذا المشروع السايبر نت في مصر، ولكل منهم تجربته المستقلة التي اختلفت تبعا لما يقدمه من أنشطة، وكذلك تبعا لمكانه، يقول أيمن الدهشوري: "قمت مع أخي معتز بإنشاء سايبر بدأناه بعدد 10 أجهزة وبنظام ADSL، قدمنا فيه إلى جانب خدمة الإنترنت خدمات أخرى، كان أبرزها صيانة الأجهزة ".
ويستطرد الدهشوري قائلا: "إلا أننا فكرنا في استثمار معرفتنا بتصميم المواقع، فقمنا بإنشاء موقع إقليمي خدمي، تعاونا فيه مع بعض الصحفيين الشباب في محافظتنا، وكان هذا الأمر فريدا من نوعه، وهو ما دعا عددا من الأشخاص والهيئات إلى أن يطلبوا منا إقامة مواقع لهم على غرار الموقع المذكور، ومن ثم تحولنا بعد فترة من الزمن إلى العمل في مجال تصميم المواقع".
أما سامح سمير ولؤي عادل فقد قاما منذ نحو عامين ونصف باستئجار مساحة في أحد المراكز التجارية بوسط المدينة بالقاهرة، يقول لؤي: "لأن تكلفة استئجار المكان ونفقات الديكورات التي كان يجب أن تكون على مستوى عال كانت باهظة، فإن الوضع بالنسبة لنا يعد مختلفا قليلا، فالمكان هنا يعد سياحيا، سواء في أسعاره أو في نوعية رواده".
وجدير بالذكر أن أسعار الخدمات التي يقدمها السايبر تختلف حسب موقعه، فبينما نجد متوسط سعر ساعة الإنترنت في الكثير من الأماكن في مصر بين 1.5 جنيه إلى جنيهين، نجده بين 4 إلى 6 جنيهات في أماكن أخرى .
أما محمد داود فيقول: "لقد تغلبت على عدد من عناصر التكاليف المعروفة لإنشاء السايبر، فالمكان الذي أقيم فيه نشاطي هو جزء من الدور الأرضي لمنزل العائلة، وقد أنشأت السايبر منذ نحو عام ونصف، وأعتمد فيه على نظام ISDN، كما أنني أقدم خدمة صيانة الأجهزة، وهو الأمر الذي يدعم عمل السايبر كثير".
المهم.. دراسة السوق
وتعليقا على مشروعات السايبر، يرى أ.د. فوزي تركي الأستاذ الجامعي وخبير تكنولوجيا المعلومات في مصر أن استخدام التكنولوجيا الآن أصبح أمرا ملحا، ويقول: "لقد فتحت القفزة التكنولوجية الهائلة مجالات عديدة في التعامل مع الحياة بكافة صورها، وليس أقل من أن تصبح التكنولوجيا مصدرا لرزق آلاف، بل ملايين الشباب".
لكن تركي يحذر قائلا: "القضية ليست مجرد التحمس للتكنولوجيا واستخدامها، بل يجب الانتباه بشدة إلى أن أي مشروع، سواء كان تكنولوجيا أو غير ذلك، إنما تلزمه في المقام الأول معرفة مدى مردود هذا المشروع اقتصاديا على صاحبه، واجتماعيا على الوسط أو البيئة التي يقام فيها المشروع".
وينصح كل المقدمين على مشروع السايبر نت للقيام بدراسة السوق دراسة جيدة، ويقول: "بالنسبة لي كمتخصص، فإن عناصر المشروع هي الأهم، لكن لو فرضنا وجود السايبر في بيئة محدودة المعرفة بالإنترنت، ففيم إذن ستفيد التكنولوجيا صاحب المشروع؟ إنه عمل تجاري في المقام الأول، ولقد رأيت خلال أسفاري العديد من هذه المشروعات، وقد لاحظت تباين سعر الخدمة حسب مكانها أولا وحسب جودتها أيضا".